بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فالموضوع موضوع مهم جدا وهو كما سمعتم وأعلن عنه: (منهج السلف الصالح وحاجة الأمة إليه).
والمراد بالسلف الصالح: القرن الأول من هذه الأمة، وهم صحابة رسول الله صلى الله وعليه وسلم من الهاجرين والأنصار قال الله جل وعلا: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، قال سبحانه: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ) هذه في المهاجرين، ثم قال في الأنصار: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)، ثم قال في الذين يأتون من بعدهم: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
ثم من جاء بعدهم وتتلمذ عليهم من التابعين وأتباع التابعين ومن بعدهم من القرون المفضلة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قال الراوي لا أدري ذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، وعصرهم يسمى ويمتاز على من بعدهم يسمى: {عصر القرون المفضلة}، هؤلاء هم سلف هذه الأمة الذين أثنى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، فهم القدوة لهذه الأمة، ومنهجهم هو الطريق الذين يسيرون عليه في عقيدتهم، وفي معاملاتهم، وفي أخلاقهم، وفي جميع شؤونهم، وهو المنهج مأخوذ من الكتاب والسنة لقربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم، لقربهم من عصر التنزيل، وأخذهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهم خير القرون ومنهجهم خير المنهاج، ولذلك يحرص المسلمون على معرفة منهجهم ليأخذوا به، لأنه لا يمكن السير على منهجهم إلا بمعرفته وتعلمه والعمل به، ولهذا قال جل وعلا: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ) يعني: بإتقان، ولا يمكن أتباعهم بإحسان إلا بتعلم مذهبهم ومنهجهم وما يسرون عليه، وأما مجرد الانتساب إلى السلف والسلفية من غير معرفة بها وبمنهجها فهذا لا يدري شيئا؛ بل قد يضر، لابد من معرفة منهج السلف الصالح.
ولهذا كانت هذه الأمة تتدارس منهج السلف الصالح ويتناقلونه جيلا بعد جيل، فكان يدرس في المساجد، ويدرس في المدارس وفي المعاهد والكليات والجامعات، فهذا هو منهج السلف الصالح، وهذه الطريقة لمعرفتهم، أننا نتعلم منهج السلف الصالح الصافي مأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكثر الاختلاف في هذه الأمة وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافَترَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَستَفْتَرِقُ هذه الأمة عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كلها في النار إلا واحدة ، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ، هذا منهج السلف الصالح ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ما كان عليه أصحابه، (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ) تشدد الحالة إلى معرفة منهج السلف الصالح للتمسك به لأنه طريق النجاة كلها في النار إلا واحدة وهي الفرقة الناجية وهم أهل السنة والجماعة، إلا واحدة وهي التي إذا اختلف الناس وكثرت المذاهب وكثرت الطرائق والفرق والأحزاب هي التي تكون على منهج السلف الصالح تتمسك به وتصبر عليه حتى تلقى ربها سبحانه وتعالى.
النبي صلى الله عليه وسلم وعظ أصحابه في آخر حياته، موعظة بليغة آثرت فيهم بكت منها العيون قالوا يا رسول الله: كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ السمع والطاعة لمن؟ لولاة أمور المسلمين، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تآمر عليكم عَبْد فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بعدي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ هذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته أن تسير على منهج السلف الصالح لأنه طريق النجاة وهذا كما في قوله جل وعلا: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، تتقون النار، وتتقون الضلال، وتخالفون الفرق الضالة، تسيرون على المنهج السليم حتى تلحقوا بنبيكم صلى الله عليه وسلم بأصحابه وأتباعه، ومن يتمسك بهذا خصوصا في آخر الزمان فسيلقى تعبا من الناس والمخالفين، سيلقى تأنيبا وتهديدا فيحتاج إلى صبر، سيلقى مغريات للصرف عن هذا الطريق وتهديدات ترغيب وترهيب من الفرق الضالة والمناهج المنحرفة، يحتاج إلى صبر ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ، قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاس وفي رواية: الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاس فلا يسلم من الضلال في الدنيا ولا يسلم من النار في الآخرة إلا من سلك هذا الطريق منهج السلف الصالح وهم الذين قال الله فيهم: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً* ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً).
ولهذا فرض الله علينا أن نقرأ سورة الفاتحة في كل ركعة من صلواتنا فريضة أو نافلة، وفي آخرها هذا الدعاء العظيم: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) صراط المستقيم لأن هناك طرق منحرفة خادعة فأنت تسأل الله أن يجنبك هذه الطرق وأن يهديك الصراط يعني: أن يدلك على الصراط المستقيم ويثبتك عليه في كل ركعة لأهمية هذا الدعاء، تأمل معناه : (الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، ومن هم الذين يسيرون على الصراط المستقيم؟ الذين أنعم الله عليهم: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) من هم الذين أنعم الله عليهم؟ (مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، وإذا سألت الله أن يهديك هذا الصراط تسأل الله أن يجنبك الطرق الضالة، والطرق المنحرفة: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ).
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) الذين غضب الله عليهم وهم اليهود الذين علموا الحق ولكنهم لم يعملوا به، وكل من سار على نهج اليهود من هذه الأمة، كل من عرف الحق ولم يعمل به فهو على طريق اليهود على طريق المغضوب عليهم لأنه عرف الحق ولم يعمل به، أخذ العلم وترك العمل، وكل عالم لا يعمل بعلمه فهو من المغضوب عليهم.
(وَلا الضَّالِّينَ) وهم: الذين يعبدون الله على جهل وضلال، يعبدون الله يتعبدون يتقربون إلى الله؛ لكنهم على غير طريق صحيح، على غير منهج سليم، على غير دليل من الكتاب والسنة، على بدعة وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ كما عليه النصارى ومن سار على نهجهم من كل من يعبد الله على غير طريق صحيح ومنهج سليم فهو ضال، ضايع عن الطريق وعمله باطل.
فهذا دعاء جامع نردده في كل ركعة من صلواتنا فلنتأمل معناه وندعو به مع حضور قلب وفهم لمعناه حتى يستجاب لنا، يقال بعد الفاتحة آمين، وآمين معناها: اللهم أستجب، فهو دعاء عظيم لمن تأمله.
وكما ذكرنا أن من يسير على منهج المنعم عليهم يبتلى ويضايق ويحقر ويضلل ويهدد يحتاج إلى صبر، لهذا جاء في الأحاديث أن المتمسك بدينه في آخر الزمان كالقابض على الجمر لأنه يلقى أذى، يقلى شرا من الناس فيتحاج إلى صبر، كالقابض على الجمر ليس هذا مفروشا بالورود كما يقلون ليس هذا فيه مشقة، وفيه أذى من الناس تحتاج إلى صبر وثبات على هذا حتى تلقى ربك عز وجل وأنت عليه لتنجو من النار، تنجو من الضلال في الدنيا، تنجو من النار في الآخرة، لا طريق إلا هذا، ولا نجاة إلا بسلوك هذا.
الآن يخذلون عن منهج السلف في الصحف والمجلات والمؤلفات ويتنقصون أهل السنة والجماعة السلفيين الحقيقيين يتنقصونهم، أنهم متشددون، أنهم تكفيريون، أنهم وأنهم؛ لكن هذا لا يضر؛ لكن يؤثر على الإنسان الذي ليس عنده صبر وقوة عزيمة قد يؤثر عليه.
فمنهم من يقول من هم السلف؟ السلف إنما هم طائفة مثل سائر الطوائف، فرقة مثل سائر الفرق، حزب مثل سائر الأحزاب، ما لهم ميزة؟ هكذا يقول بعضهم، السلف ما لهم ميزة إنما هم فرقة وطائفة مثل سائر الفرق والأحزاب، يريد من ذلك أن يلفت أيدينا من منهج السلف.
ومنهم من يقول لسنا مكلفين بفقه السلف وعلم السلف، لسنا مكلفين نشق طريقنا نحن، نستنبط الأحكام من جديد، نوجد لنا فقهاً جديداً هذه فقه قديم، فقه السلف فقه قديم، ويقولون ما يصلح لهذا الزمان هو صالح لزمانهم، زماننا غير فيزهدون في فقه السلف، ويدعون إلى فقه جديد، كثر هذا في الجرائد والمجلات من الكُتاب وأهل الضلال، يريدون أن يفلتوا أيدينا من منهج السلف، لأننا إذا لم نعرف مذهب السلف وزهدنا به ولم ندرسه، فإنه لا يكفي الانتساب إلى السلف من غير علم ومن غير بصيرة بمذهبه، هذا ما يريدون منه، يريدون أن نترك مذهب السلف وفقه السلف وعلم السلف ونحدث فقهاً جديدا كما يقولون يصلح لهذا الزمان مع أن هذا كذب، وشريعة الإسلام صالحة لكل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة.
فمنهج السلف صالح لكل زمان ومكان، نور من الله عز وجل، لا يزهدك فيه كلام هؤلاء المخذلين أو الضالين لا يزهدك فيه.
الإمام مالك رحمه الله يقول: ((لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلها أولها))، الذي أصلحها أولها ما هو؟
هو الكتاب والسنة وأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، العمل بالقرآن والعمل بالسنة هذا هو الذي أصلح أول الأمة ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلحها أولها.
فمن أراد النجاة فعليه معرفة مذهب السلف، والتمسك به، والدعوة إليه، فهو الطريق النجاة، هو سفينة نوح عليه السلام من ركبها نجا، ومن تركها هلك وغرق في الضلال، فلا نجاة لنا إلا بمذهب السلف، ولا يمكن أن نعرف مذهب السلف إلا بالتعلم، تعلمه وتدريسه ودراسته مع سؤال الله: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) ندعو الله أن يوفقنا له وأن يثبتنا عليه لابد من هذا، ليست المسألة مسألة دعوى، والدعوى إذا لم يقيموا عليها بينات أهلها أدعياء، ليست المسألة مسألة انتساب والله جل وعلا يقول: (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ) يعني: بإتقان، ولن تتقن مذهب السلف إلا إذا عرفته تعلمته، ولن تتمسك به إلا إذا صبرت عليه، ولا تسمع للدعايات المضللة، الصارفة عنه والمزهدة فيه هذا هو الطريق الصحيح طريق النجاة كلها في النار إلا واحدة قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي هذا هو منهج السلف، وهو طريق النجاة، الموصل إلى الجنة، لا طريق غيره، كل الطرق غيره ضالة: (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) هو صراط الله، وغيره سُبُل مضللة، طرق منحرفة على كل سبيل منها شيطان يدعوا الناس إليه.
والنبي صلى الله عليه وسلم تخوف من هؤلاء الدعاة دعاة الضلال الذين يريدون أن يصرفوا الناس عن منهج السلف، وأخبر أنهم دعاة على أبواب جنهم من أطاعهم قذفوه فيها، فالحذر شديد من هؤلاء، وكلما يتأخر الزمان تشدد الغربة وتكثر الفتن فيحتاج المسلمون إلى عناية أكثر بمنهج السلف.
من هؤلاء المضللين من يقول الناس كلهم مسلمون، مسلمون على أي طريق؟ مسلمون على طريق الرسول وأصحابه نعم على الرأس والعين، أم مسلمون بالاسم وهم على طرق منحرفة على منهج فلان وعلان فهم ضالون على طريق يؤدي إلى جهنم، ما هي المسألة انتساب للإسلام فقط، انتساب وحقيقة ولا يمكن هذا إلا بالعلم النافع والعناية بالدراسة، ولذلك تجدون العلماء يهتموا بالعقيدة وأبوابها وفصولها ومسائلها، وألفوا فيها مطولات ومختصرات لدراسة مذهب السلف والعناية بها والتمسك به، والسير عليه.
فالمسألة تحتاج إلى اهتمام لاسيما مع استحكام الظلام والضلال يحتاج المسلم إلى نور يسير به في ظلمات الضلالات والجهالات.
اليوم يكثر من يتعالم ويدعي العلم والمعرفة وهو لم يتلقى العلم عن مصادره وعن أصوله، يتلقها عن أمثاله أو من الكتب أو من الثقافة كما يقولون وهذا ليس موصلا إلى الخير ولا إلى الطريق الصحيح، لابد من التعلم الصحيح لمنهج السلف لأجل التمسك به والسير عليه، لابد من الصبر على ما ينالك في سبيله من اللوم والتحقير وغير ذلك، تسمعون الآن التحقير والتنديد لمن يتمسك في مذهب السلف، ويقولون هذا رجعي هذا وهذا، لا يزهدك في الحق مثل هذه الترهات والأباطيل، تمسك بهذا المنهج السليم لأنه طريق النجاة ولهذا قال: عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ من بعدي تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِى فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي عند الاختلاف ما ينجي إلا التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفاءه الراشدين المهدين هذا طريق النجاة، طريق السلامة، طريق الجنة.
فلنعتني بمذهب السلف ولا يزهدنا فيه من يقلل من شأنه أو يصفه بالأوصاف الذميمة، لا يقلل من شأنه في نفوسنا؛ بل يزيد هذا في نفوسنا لأنهم ما حاربوه إلا لأنه طريق حق وهم يريدون الضلال.
فاحذروا منهم يا عباد الله، ولا تكتفوا بمجرد الانتساب، ولا تكتفوا بالتعالم بدون تعلم، تلقي العلم عن العلماء المعروفين به، والعلماء المستقيمين على الطريق الصحيح، تجنبوا هذه الطرق المنحرفة التي حذرنا الله منها: (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) سبيل الله سبحانه وتعالى، صراط الله.
فنحن بحاجة ماسة إلى هذا خصوصا مع اشتداد الفتن الآن وكثرة دعاة الضلال، وكثرة الوسائل التي تنشر الشر بين الناس، وسائل شر دقيقة تصل إلى الناس في بيوتهم، وعلى فرشهم تدعوا إلى الضلال، تدعوا إلى الإباحية، تدعوا إلى الشهوات المحرمة، تدعوا إلى الأفكار المنحرفة، يسمون هذا بسعة الأفق، سعة الثقافة ولا تبقى متحجرا، ولا تبقى متشددا، هذا لا يزهد المسلم في منهج السلف ومذهب السلف وعلم السلف.
فطريقة السلف أسلم وأعلم وأحكم من طريقة الخلف، علم السلف صافي من الكتاب والسنة، وعلم الخلف فيه دخيل، فيه الخلط الكثير غير مصفى، أما علم السلف فهو مصفى ولهذا تجدون كُتب السلف كلما تقادم تجدونه أصفى وأقل تكلفاً، ولهذا يقول العلامة ابن رجب رحمه الله في رسالته ((فضل علم السلف على علم الخلف)) يقول: السلف كلامهم قليل وعلمهم غزير، والخلف كلامهم كثير وعلمهم قليل.
فلنتنبه لهذا الأمر، هذا هو منهج السلف الذي لا نجاة لنا إلا بالسير عليه، والصبر عليه بعد أن نعرفه ونتعلمه على الطريقة الصحيحة غير المزورة والملبسة، فيه أشياء تنسب إلى السلف وهي باطلة ليست من مذهب السلف فلنحذر من هذا.
هذه كلمات يسيرة في هذا الموضوع ولا أستطيع الإحاطة به من كل جوانبه؛ ولكن الله جل وعلا يقول: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)، (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى* سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى).
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لصالح الأعمال والأقوال، وأن يثبتنا وإياكم على الحق والسير عليه، والصبر على الأذى فيه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
[ الشيخ : صالح الفوزان ]