الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
" ذكر العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله ويكون بها خارجاً من الإسلام، ومن أخطرها وأكثرها وقوعا عشرة نواقض ذكرها الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب وغيره من أهل العلم رحمهم الله جميعا "
أما بعد: فاعلم أيها المسلم أن الله سبحانه أوجب على جميع العباد الدخول في الإسلام، والتمسك به والحذر مما يخالفه، وبعث نبيه محمداً ﷺ للدعوة إلى ذلك، وأخبر عز وجل أن من اتبعه فقد اهتدى، ومن أعرض عنه فقد ضل، وحذر في آيات كثيرات من أسباب الردة، وسائر أنواع الشرك والكفر، وذكر العلماء رحمهم الله في باب حكم المرتد أن المسلم قد يرتد عن دينه بأنواع كثيرة من النواقض التي تحل دمه وماله ويكون بها خارجاً من الإسلام، ومن أخطرها وأكثرها وقوعا عشرة نواقض ذكرها الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب وغيره من أهل العلم رحمهم الله جميعا، ونذكرها لك فيما يلي على سبيل الإيجاز لتحذرها وتحذر منها غيرك، رجاء السلامة والعافية منها، مع توضيحات قليلة نذكرها بعدها.
القسم الأول الشرك في عبادة الله :
قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء:48] وقال تعالى : ﴿ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [المائدة:72] ومن ذلك دعاء الأموات والاستغاثة بهم والنذر والذبح لهم.
القسم الثاني من يجعل بينه وبين الله وساطة :
من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم فقد كفر إجماعا وذلك في قوله تعالى : ﴿ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾ [الزمر:3].
القسم الثالث من لا يُكفّر المشركين أو يشكك في كُفرهم :
القسم الرابع من اعتقد أن هدي غير النبي ﷺ أكمل من هديه :
من اعتقد أن هدي غير النبي ﷺ أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكمه، فهو كافر يقول تعالى : ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء:65].
القسم الخامس من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول ﷺ :
من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول ﷺ ولو عمل به فقد كفر؛ لقوله تعالى : ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد:9]
القسم السادس من يستهزئ بشيءٍ من دين النبي عليه الصلاة والسلام :
من استهزأ بشيء من دين الرسول ﷺ أو ثوابه أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى : ﴿ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونََ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ [التوبة:65، 66]
القسم السابع السحر :
السحر ومنه الصرف والعطف، فمن فعله أو رضي به كفر، والدليل قوله تعالى : ﴿ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة:102]
القسم الثامن معاونة المشركين على المسلمين :
مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمََ الظَّالِمِينَ ﴾ [المائدة:51]
القسم التاسع الخروج عن الشريعة :
من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد ﷺ فهو كافر لقوله تعالى : ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران:85] أصبح غير مسلماً، وعيسى - عليه السلام يأتي متَّبعًا لشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - فشريعة نبينا محمد باقيةٌ إلى يوم الدين، وعامَّةٌ لكل الناس.
القسم العاشر الإعراض عن دين الله :
الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴾ [السجدة:22].
ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً، فينبغي للمسلم أن يحذرها، ويخاف منها على نفسه، نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه، وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم، انتهى كلامه رحمه الله.
ويدخل في القسم الرابع من اعتقد أن الأنظمة والقوانين التي يسنها الناس أفضل من شريعة الإسلام أو أنها مساوية لها، أو أنه يجوز التحاكم إليها، ولو اعتقد أن الحكم بالشريعة أفضل أو أن نظام الإسلام لا يصلح تطبيقه في القرن العشرين، أو أنه كان سبباً في تخلف المسلمين، أو أنه يحصر في علاقة المرء بربه دون أن يتدخل في شئون الحياة الأخرى.
ويدخل في الرابع أيضاً من يرى أن إنفاذ حكم الله في قطع يد السارق، أو رجم الزاني المحصن لا يناسب العصر الحاضر، ويدخل في ذلك أيضاً كل من اعتقد أنه يجوز الحكم بغير شريعة الله في المعاملات أو الحدود أو غيرهما، وإن لم يعتقد أن ذلك أفضل من حكم الشريعة؛ لأنه بذلك يكون قد استباح ما حرمه الله إجماعاً، وكل من استباح ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، كالزنا والخمر والربا والحكم بغير شريعة الله فهو كافر بإجماع المسلمين.
ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.