السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
✨ 🗝️كن مفتاحاً للخير 🗝️✨
الخير هو سمة من سمات الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وهو أساس بقاء المجتمعات واستقرارها. وقد جاء الإسلام ليعزز هذه القيمة، ويجعل من المسلم شخصاً إيجابياً يسعى لفتح أبواب البر والإحسان في حياته وحياة غيره، وقد قال الله سبحانه وتعالى : { وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الحج : 77 ] ومن هنا تتجلى مكانة المسلم الحق حين يكون مفتاحاً للخير، مغلاقاً للشر.
فالمفتاح أداة تفتح الأبواب المغلقة، وكذلك المؤمن إذا كان مفتاحاً للخير، فإنه يفتح للناس أبواب الطاعات، ويقودهم إلى طرق البر والهداية، قال رسول الله ﷺ : " من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله " [ رواه مسلم ]، وقد يكون ذلك بكلمة طيبة، أو بسلوك حسن، أو بموقف صغير لكنه عظيم الأثر.
من صور مفاتيح الخير :
1. نشر العلم النافع :
فالعلم من أعظم النعم التي امتنّ الله بها على عباده، به يعرفون خالقهم، ويهتدون إلى سبيل رضاه، ويفرقون بين الحق والباطل، وبين الهدى والضلال.وقد أثنى القرآن الكريم على العلماء، ورفع مكانتهم، قال تعالى : { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ }[المجادلة: 11].
ولم يقتصر فضل العلم على طلبه، بل تعدّى ذلك إلى تعليمه ونشره، قال عبد الله بن المبارك رحمه الله : " لا أعلم بعد النبوة درجة أفضل من بثِّ العلم ". [ جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (1/91) ].
وفي هذا إشارة عظيمة إلى أن مرتبة نشر العلم تأتي مباشرة بعد مقام النبوة، إذ الأنبياء ورثوا العلم، والعلماء ورثة الأنبياء، فكانوا خلفاءهم في هداية الناس.
فالكلمة الصادقة أو المعلومة المفيدة قد تكون سبباً في تغيير حياة إنسان نحو الأفضل.
2. الإحسان إلى الخلق :
الإحسان من أعظم مقامات الدين، وهو جامع لكل خير، إذ يشمل الإتقان في عبادة الله، وحسن التعامل مع الناس.قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ } [ النحل: 90 ]، فجعل الإحسان وصية عامة لا يستغني عنها فرد ولا مجتمع.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله : " من أحب أن يُستجاب له الدعاء، فليُحسن إلى الناس". [ حلية الأولياء (8/91) ]، مما يدل على أن الله يحب المحسنين ويكرمهم بإجابة الدعاء.
وقد أجمع السلف والعلماء على أن الإحسان إلى الخلق من أعظم القربات، وأقوى الأسباب في نيل رضا الله تعالى ومحبة الناس.
3. الإصلاح بين الناس :
يُعدّ الإصلاح بين الناس من أعظم القربات التي دعا إليها الإسلام، لما فيه من نشر السلم والمحبة، وإطفاء نار العداوة والبغضاء. وقد أمر الله تعالى به في كتابه فقال : { فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ } [ الأنفال: 1 ]، وقال سبحانه : { لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ } [ النساء: 114 ].قال سفيان الثوري رحمه الله : " ما عمل رجل عملاً أفضل من أن يُصلح بين الناس ". [ الزهد الكبير للبيهقي (ص 142) ]. فالإصلاح بين الناس من أفضل الأعمال على الإطلاق، لما فيه من جمع الشمل وإزالة العداوة وحماية الأمة من الفرقة والتمزق.
4. الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة :
الدعوة إلى الله شرف عظيم ورسالة سامية حملها الأنبياء والمرسلون، ثم ورثها عنهم العلماء والدعاة الصادقون. وهي سبيل هداية الناس، وإخراجهم من الظلمات إلى النور. وقد أمر الله تعالى بها فقال : { ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل: 125 ].وقال ابن القيم رحمه الله : " لا يتم أمر بالمعروف ونهي عن المنكر إلا بالرفق والحلم، فبقدر ما يكون الرجل رفيقاً حليماً صبوراً يكون نجاحه ". [ مدارج السالكين (2/175) ]. فالدعوة مقامها عظيم وأثرها كبير فقد تحتاج إلى رفق وصبر ولين، بعيداً عن الفظاظة والعنف، فكلما كان الداعية ألين جانباً، كان أبلغ أثراً، حتى تثمر في القلوب وتؤتي أكلها.
5. القدوة الحسنة :
القدوة الحسنة من أعظم وسائل التأثير في الناس، وهي أبلغ من الخطب والكتب والكلمات. فالإنسان بفطرته يتأثر بمن حوله، ويقتدي بأعمالهم قبل أقوالهم. وقد بعث الله تعالى نبيه محمداً ﷺ ليكون قدوة للعالمين، فقال سبحانه : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ } [ الأحزاب: 21 ].قال ابن تيمية رحمه الله : " الناس ينتفعون من العالم بعمله أكثر مما ينتفعون بقوله ". [ مجموع الفتاوى (20/165) ].
ولهذا أولى السلف والعلماء عناية كبيرة بأهمية القدوة، وعدّوها من أعظم وسائل التربية والدعوة إلى الله.
من آثار مفاتيح الخير :
- من آثار مفاتيح الخير أن يكون المؤمن مفتاحاً للخير، يحيي في الناس الأخلاق الفاضلة، ويشجعهم على البر والتقوى.
- من آثار مفاتيح الخير إصلاح القلوب بالكلمة الطيبة، والابتسامة الصادقة، والنصيحة المخلصة تفتح القلوب، وتزرع فيها الطمأنينة.- من آثار مفاتيح الخير جمع الكلمة وتوحيد الصف وسعي للإصلاح بين الناس، فيزيلوا أسباب الفرقة، ويقربوا القلوب.
- من آثار مفاتيح الخير الأجر المستمر " من دلّ على خير كان له مثل أجر فاعله "، فينال العبد حسنات عظيمة بمجرد أن يكون سبباً في عمل صالح.
- من آثار مفاتيح الخير محبة الله والناس فالذي يسعى لنشر الخير يكون محبوباً عند الله وعند عباده، كما قال ﷺ :
" أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس " [رواه الطبراني].
- من آثار مفاتيح الخير بقاء الذكر الحسن بعد الموت فيبقى أثر مفاتيح الخير في الصدقات الجارية، والعلم النافع، والذكر الطيب الذي يخلفه وراءه.
فالعبد الصالح لا يكتفي بعمل الخير لنفسه، بل يسعى ليكون مفتاحاً له في حياة غيره، فينشر البر، ويغلق أبواب الشر، ويترك أثراً طيباً في الدنيا والآخرة.
فاللهم اجعلنا مفاتيح للخير، مغاليق للشر، ولا تجعلنا ممن يُستعمل في أبواب الشر والفتنة.

