الخطبة الأولى
عباد الله:
إن من نِعَم الله العظيمة، ومِنَحه الجليلة، أنْ فضَّلَ بعضَ الشهور والأيام على بعض، فجعل لعبادِه مواسمَ خيرٍ يتنافسون فيها بالطاعات، ويحذرون خلالها مقاربة الخطيئات؛ ليحظوا من ربهم برفعة الدرجات، وإجابة الدعوات؛ ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [القصص: 68]، ألا وإن من بين تلك الأيام التي خصَّ الله بها أمَّةَ الإسلام يومًا اصطفاه الله تعالى على غيره من الأيام، وفضَّله على ما سواه من الأزمان، يومًا خصَّه الله بخصائصَ عظمى، وشرَّفه بمزايا كبرَى، فهو من أعظم الأيام عند الله قدرًا، وأجلِّها شرفًا، وأكثرِها فضلاً، أعرفتم عبادَ الله ذلك اليوم؟
إنه يومكم هذا، يوم الجمعة، عيد أهل الإسلام الأسبوعي؛ كما روى ابن ماجه في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا اليوم عيد، جعله الله للمسلمين))، قال الإمام ابن رجب رحمه الله: فهو مترتِّب على إكمال الصلوات المكتوبات، فإن الله عز وجل فرَضَ على المؤمنين في كلِّ يوم وليلة خمسَ صلوات، وأيام الدنيا تدور على سبعة أيام، فكلما كمل دور أسبوع من أيام الدنيا، واستكمل المسلمون صلواتِهم فيه، شُرع لهم العيدُ في يوم استكمالهم، وهو يوم الجمعة.
أيها المسلمون:
لقد جعل الله تعالى لأهل كلِّ ملَّة يومًا يتفرَّغون فيه للعبادة، ويتخلَّوْن فيه عن أشغال الدنيا، فاختصَّ الله عز وجل أمَّةَ الإسلام بيوم الجمعة، وأضلَّ الله تعالى عن هذا اليومِ الجليل اليهودَ والنصارى، فلم يوافقوه؛ ثبت في "صحيح مسلم" عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أضلَّ الله عن الجمعة مَن كان قبلنا، فكان لليهود يومُ السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا، فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعةَ والسبت والأحد، وكذلك هم تَبَعٌ لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المَقْضِيُّ لهم قبل الخلائق)).
أيها المسلمون:
مما ادَّخره الله لكم في هذا اليوم المبارك: أن فيه ساعةً يُسمع فيها النداء، ويُجاب فيها الدعاء؛ كما ثبت في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة، فقال: ((فيه ساعة، لا يوافقها عبدٌ مسلم، وهو يصلي، يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه إياه))، زاد قتيبة في روايته: وأشار بيده يقلِّلها.
قال الإمام أحمد - رحمه الله -: "أكثر الأحاديث في الساعة التي تُرجى فيها إجابةُ الدعوة، أنها بعد العصر، وتُرجى بعد الزوال"، وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "وعندي أن ساعة الصلاة تُرجى فيها الإجابةُ أيضًا، فكلاهما ساعةُ إجابة، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخرَ ساعةٍ بعد العصر، فهي ساعة معيَّنة من اليوم، لا تتقدَّم ولا تتأخر، وأما ساعة الصلاة، فتابعة للصلاة، تقدَّمت أو تأخرت، لأن لاجتماع المسلمين وصلاتِهم، وتضرُّعِهم وابتهالهم إلى الله - تعالى - تأثيرًا في الإجابة، فساعةُ اجتماعهم ساعةٌ ترجى فيها الإجابة، وعلى هذا تتَّفق الأحاديث كلها، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد حضَّ أمَّتَه على الدعاء والابتهال إلى الله - تعالى - في هاتين الساعتين".
فهل - يا عباد الله - نحتسب هذه الساعةَ عند الله؟ نروض من خلالها أنفسنا على الجلوس في المساجد؛ ابتغاء ما عند الله - تعالى - ولو لم نتحرَّ هذه الساعةَ كلَّ جمعة، فلنحاول ولو في بعض الجُمَع، وإذا لم نستطعِ المكثَ في المسجد من صلاة العصر، فلنحرص على اغتنام دقائق قبل غروب الشمس في الدعاء والابتهال إلى الله - تعالى - لأنفسنا ووالدينا وأهلينا، والمسلمين جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
أيها المسلمون:
إن من أعظم خصائص هذا اليوم المبارك، ومن أعظم ما يتقرَّب به العبدُ إلى ربه في يوم الجمعة: أداءَ صلاة الجمعة التي أمر الله بها عباده جماعةً مع المسلمين؛ فهي من آكد فروض الإسلام، ومن أعظم مجامع المسلمين، وهي أعظم من كل مَجمَعٍ يجتمعون فيه وأفرضُه؛ سوى مجمع عرفة، وقد خُصَّتْ صلاةُ الجمعة من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائصَ لا توجد في غيرها؛ من الاجتماع، والعدد المخصوص، واشتراط الإقامة، والجهر بالقراءة، وقد شدَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحذير من التخلُّف عن الجمعة تهاونًا بغير عذر، مبيِّنًا أنَّ مَن فعل ذلك فقد عرَّض نفسَه للإصابة بداء الغفلة عن الله، والطَّبْع على قلبه، ومَن طَبَع الله على قلبه، عميتْ بصيرتُه، وساء مصيرُه؛ روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة - رضي الله عنهم - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليَنتهيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعاتِ، أو ليختمنَّ اللهُ على قلوبهم، ثم ليكونُنَّ من الغافلين))، وروى الإمام أحمد بإسناد حسن، والحاكم وصححه، عن أبي قتادة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن ترك الجمعةَ ثلاثًا، مِن غير ضرورة، طَبَعَ الله على قلبه)).
عباد الله:
كان من هدي نبيِّكم صلى الله عليه وسلم تعظيمُ هذا اليوم وتشريفه، وتخصيصه بعبادات يختص بها عن غيره، وإن من أفضل الأعمال الصالحة في يوم الجمعة وليلتها: الإكثارَ من الصلاة والسلام على رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فقد روى أبو داود بإسناد صحيح عن أوس بن أوس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أفضل أيامكم يومَ الجمعة، فأكثِروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ))، وروى البيهقي وغيره بإسناد حسن، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أكثِروا من الصلاة عليَّ يومَ الجمعة وليلة الجمعة)). قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "رسول الله صلى الله عليه وسلم سيِّد الأنام، ويوم الجمعة سيد الأيام؛ فللصَّلاةِ عليه في هذا اليوم مزيةٌ ليست لغيره، مع حكمةٍ أخرى، وهي أن كل خير نالتْه أمَّتُه في الدنيا والآخرة، فإنما نالته على يده، فجمع الله لأمته بين خيرَيِ الدنيا والآخرةِ، فأعظمُ كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة، فإن فيه بعْثَهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو يوم عيد لهم في الدنيا، ويوم فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يَردُّ سائلَهم، وهذا كله إنما عرَفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده، فمِن شكره وحمده، وأداء قليلٍ من حقه صلى الله عليه وسلم أنْ نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته"، وقد قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
عباد الله:
كان نبيُّكم صلى الله عليه وسلم يقرأ في فجر يوم الجمعة بسورتي "ألم تنزيل" السجدة، و"هل أتى على الإنسان"؛ كما روى ذلك الإمام مسلم في صحيحه، وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ بهاتين السورتين في فجر الجمعة؛ لأنهما تضمنتا ما كان ويكون في يومها، حيث اشتملتا على خلق آدم، وعلى ذِكر المعاد، وحشرِ العباد، وذلك يكون يوم الجمعة، وفي قراءتهما في هذا اليوم تذكيرٌ للأمة بما يحدث فيه من الأحداث العظام؛ حتى يستعدُّوا لذلك، والسجدة جاءت تبعًا وليست مقصودة، ومن لم يستطع أن يقرأ سورة السجدة، فلا يتقصد أن يقرأ سورةً أخرى فيها سجدةٌ عوضًا عنها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلي)).
عباد الله:
ورد في فضل قراءة سورة الكهف يومَ الجمعة أو ليلتها أحاديثُ صحيحةٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم منها: ما جاء عن أبي سعيد الخدري أنه قال: ((مَن قرأ سورةَ الكهف ليلةَ الجمعة، أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق))؛ رواه الدارمي وصححه الشيخ الألباني. وروى الحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين))؛ وقد حسَّن الحافظ ابن حجر إسناد الحديث، وقال: هو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع".
وبناء على النصوص الثابتة السابقة يكون وقت قراءة سورة الكهف من غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، قال المناوي رحمه الله: فيندب قراءتها يومَ الجمعة، وكذا ليلتها، كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه.
أيها المسلمون:
الصدقة على الضعفاء والمساكين في يوم الجمعة لها مزيةٌ على الصدقة في سائر الأيام، قال بعض أهل العلم: والصدقة فيه بالنسبة إلى سائر أيام الأسبوع كالصدقة في شهر رمضان بالنسبة إلى سائر الشهور، وقال ابن القيم: رأيت شيخ الإسلام - قدس الله روحه - إذا خرج إلى الجمعة، يأخذ ما وجد في البيت من خبزٍ أو غيره، فيتصدق به في طريقه سرًّا، وسمعته يقول: إذا كان الله قد أمرنا بالصدقة بين يدي مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالصدقةُ بين يدي مناجاته - تعالى - أفضلُ وأولى بالفضيلة. اهـ.
أيها المسلمون:
تتعلق بهذا اليوم المبارك بعضُ المسائل الفقهية، يحسن التنبيه عليها، ولفت الأنظار إليها، ومنها:
أولاً:
إذا دخل وقت صلاة الجمعة، يحرم السفر لمن تلزمه الجمعةُ بعد النداء لها؛ لأن السفر مانعٌ من حضور الصلاة، لكن لو خاف فوات الرفقة، أو فوات الطائرة التي حجز عليها، أو فوات غرضه لو تأخر - فله السفر للضرورة، أما السفر قبل النداء لصلاة الجمعة، فيُكره، إلا إذا كان سيؤديها في طريقه في جامع آخر.
ثانيًا:
قراءة سورتي السجدة والإنسان في فجر الجمعة عامٌّ للرجال والنساء؛ لأن ما فعله صلى الله عليه وسلم في صلاته من أفعال، أو قاله من أقوال، فهو مشروع للرجال والنساء، وللمنفرد والإمام أيضًا، حتى يقوم دليل على التخصيص.
ثالثًا:
الدعاءُ أثناء خطبة الجمعة لا يجوز؛ لأنه يشغل عن استماع الخطبة، لكن لو ذكر الخطيب الجنة أو النار، وقلتَ: أسأل الله من فضله، أو أعوذ بالله من النار، من غير أن يشغلك عن سماع الخطبة، أو تشويش على غيرك - فلا بأس.
رابعًا:
صيام يوم الجمعة منفردًا نهى عنه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كان صومه لخصوصية، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، ولا ليلتها بقيام))؛ أخرجه الإمام مسلم، وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يصومَنَّ أحدُكم يومَ الجمعة، إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده)).
والحكمة في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام:
أن يوم الجمعة عيد للأسبوع، فمِن أجل هذا نُهي عن إفراده بالصوم، ولأن يوم الجمعة يوم ينبغي للرجال فيه التقدُّم إلى صلاة الجمعة، والاشتغال بالدعاء والذِّكر، فهو شبيه بيوم عرفة الذي لا يشرع للحاج أن يصومه؛ لأنه مشتغل بالدعاء والذكر؛ لكن إذا صادف يومُ الجمعة يومَ عرفة، فصامه المسلم وحده، فلا بأس بذلك، وكذلك لو عليه قضاءٌ من رمضان، ولا يتسنى له فراغ إلا يوم الجمعة، فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ وذلك لأنه يوم فراغه، وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فصامه، فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء، لا لأنه يوم الجمعة، فالحديث نهى عن التخصيص؛ أي: أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها. اهـ ملخصًا من كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وهدي سنة سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم.
……
الخطبة الثانية
عباد الله:
لقد شرع الله سبحانه وتعالى لكل أمةٍ يومًا في الأسبوع، يتفرغون فيه للعبادة، ويجتمعون فيه لتذكُّر المبدأ والمعاد، والثواب والعقاب، ويتذكَّرون به اجتماعَهم يوم الجَمْع الأكبر قيامًا بين يدي رب العالمين، وكان أحقَّ الأيام بهذا الغرض المطلوب يومُ الجمعة، ذلك اليوم الذي ادَّخره الله لهذه الأمة؛ لفضلها وشرفها، فشرع اجتماعهم في هذا اليوم لطاعته، وقدر اجتماعهم فيه مع الأمم لنيل كرامته، فهو يوم الاجتماع شرعًا في الدنيا، وقدرًا في الآخرة.
أيها المسلمون:
يجب أن نعتزَّ بهذا اليوم المبارك، وأن تسري عظمتُه في قلوبنا، وأن نعظِّمه في قلوب أبنائنا وأهلينا، وأن نتنافس فيه على أعمال الخير والبِرِّ، وأن نحذر أن نكون ممن لا يعرف للجمعة قدرًا ولا فضلاً، ولا عبادة ولا فرضًا، ولْنعلمْ عبادَ الله أن ليوم الجمعة حُرمتَه عند الله، فالذي يعصي الله ويقصد يوم الجمعة بنوع من أنواع الذنوب والمعاصي، فإثمُه ووزره أعظمُ من الذي يعصيه في غيره من الأيام؛ لانتهاكه لحرمة هذا اليوم، كما أن للأعمال الصالحة فيه مزيةً وأجرًا على غيرها في سائر الأيام.
يقول العلامة ابن القيم - رحمه الله -: "إن يوم الجمعة هو اليوم الذي يُستحب أن يُتفرَّغ فيه للعبادة، وله على سائر الأيام مزيةٌ بأنواع من العبادات واجبة ومستحبة، وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعةُ الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان؛ ولهذا مَن صحَّ له يومُ جمعتِه وسلِم، سلمتْ له سائرُ جمعتِه، ومن صح له رمضان وسَلِم، سَلِمت له سائر سَنَتِه، ومن صحَّت له حَجَّتُه وسَلِمَت له، صح له سائرُ عُمرِه؛ فيومُ الجمعة ميزان الأسبوع، ورمضانُ ميزان العام، والحجُّ ميزان العمر".
عباد الله:
إنه لمؤسفٌ واللهِ أن تستشعر الملائكةُ والدواب والشجر والحجر عظمةَ هذا اليوم، وتخشى ما يقع فيه، والإنسُ والجان عنه غافلون، كلُّ ذلك وغيره يؤكِّده المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيرُ يوم طلعتْ عليه الشمسُ يومُ الجمعة؛ فيه خُلِق آدمُ، وفيه أهبط، وفيه مات، وفيه تِيبَ عليه، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مصيخة يومَ الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس؛ شفقًا من الساعة، إلا الجن والإنس، وفيه ساعة لا يصادفها عبدٌ مسلم وهو يصلي، يسأل الله شيئًا، إلا أعطاه إياه))؛ أخرجه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن صحيح، وفي الصحيحين بعضه، وصححه الألباني - رحم الله الجميع.
فاتقوا الله - عبادَ الله، واغتنموا يوم الجمعة بجلائل الأعمال الصالحة، التي تقرِّبكم إلى الله تعالى وتُدنيكم من رحمته ورضوانه؛ فإن ذلك من أسباب الفلاح والتوفيق في الحياة الدنيا وفي الآخرة؛ يقول عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 9، 10].
ثم صلُّوا على مَن أمركم اللهُ بالصلاة والسلام عليه وأقم الصلاة.
[ الشيخ : أحمد فقيهي ]