الحمد لله الكريم المنان، ذي الفضل والإحسان، الذي هدانا للإيمان، وفضَّل ديننا على سائر الأديان، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:
فسوف نتحدث عن فضل صلاة التطوع وأنواعها.
معنى صلاة التطوع:
صلاة التطوع: هي كل ما زاد على الصلواتِ الخمسِ المفروضة: الفجرِ والظُّهر والعصر والمغرب والعشاء.
روى الشيخانِ عن طلحة بن عبيدالله: أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله عليَّ من الصلوات؟ فقال: ((خمس صلواتٍ في اليوم والليلة))، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطَّوَّعَ)) ؛ (البخاري - حديث: 46 / مسلم - حديث: 11).
فضل صلاة التطوع:
(1) صلاة التطوع تجبُرُ النقصَ في الفرائض:
روى أبو داود عن عمار بن ياسرٍ، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الرجلَ لينصرف وما كُتب له إلا عُشر صلاته، تُسعها، ثُمنها، سُبعها، سُدسها، خُمسها، رُبعها، ثُلثها، نُصفها))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 714).
روى أبو داود عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أولَ ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته - وهو أعلم -: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامةً كتبت له تامةً، وإن كان انتقص منها شيئًا، قال: انظروا هل لعبدي من تطوعٍ؟ فإن كان له تطوع، قال: أتمُّوا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 770).
(2) الصلاة أفضل الأعمال بعد التوحيد:
روى ابن ماجه عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استقيموا ولن تُحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمنٌ))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني - حديث: 224).
(3) صلاة التطوع ترفع درجاتِ العبد في الجنة:
روى مسلم عن ربيعة بن كعبٍ الأسلمي، قال: كنت أبِيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيتُه بوَضوئه وحاجته، فقال لي: ((سَلْ))، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: ((أوْ غيرَ ذلك))، قلت: هو ذاك، قال: ((فأعِنِّي على نفسك بكثرة السجود))؛ (مسلم - حديث: 489).
روى مسلمٌ عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سألتُ النبي صلى الله عليه وسلم عن عمل أعمَلُه يدخلني الله به الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عليك بكثرة السجود لله؛ فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً، وحط عنك بها خطيئةً))؛ (مسلم - حديث: 488).
صلاة التطوع في البيوت: يستحب أن تكون صلاةُ التطوع في البيوت.
روى الشيخانِ عن زيد بن ثابتٍ: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرةً في المسجد من حصيرٍ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لياليَ حتى اجتمع إليه ناس، ثم فقدوا صوته ليلةً، فظنوا أنه قد نام، فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، فقال: ((ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كُتب عليكم ما قمتم به، فصلُّوا أيها الناس في بيوتكم؛ فإن أفضلَ صلاة المرء في بيته، إلا الصلاةَ المكتوبة))؛ (البخاري - حديث: 6113 / مسلم - حديث: 78).
روى أبو داود عن زيد بن ثابتٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صلاةُ المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبةَ))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 922).
أنواع صلاة التطوع:
صلاة التطوع: قسمان:
الأول: تطوع مُطلَق.
الثاني: تطوع مُقيَّد.
أولًا: التطوع المطلق:
وهو ما لا سبب له، ولا حصرَ لعدد ركعاته، وللمصلي في صلاة التطوع أن ينويَ عددًا معينًا، وله ألا ينويَ عددًا معينًا، بل يقتصر على نية الصلاة.
قال الإمام النووي:
إذا شرَع المصلي في تطوع ولم ينوِ عددًا، فله أن يسلم من ركعة، وله أن يَزيد فيجعلها ركعتين أو ثلاثًا أو عشرًا أو مائة أو ألفًا أو غير ذلك، ولو صلى عددًا لا يعلمه ثم سلم، صحَّ بلا خلاف؛ اتفق عليه أصحابنا، ونص عليه الشافعي؛ (المجموع للنووي جـ 4 صـ 49).
ثانيًا: التطوع المُقيَّد: وهو الصلوات التي جاءت النصوص بمشروعيتها، وهي قسمان:
القسم الأول: السنن الراتبة:
وهي السنن التابعة للصلوات الخمس المفروضة، ومِن هذه السنن ما يأتي قبل الفريضة، ومنها ما يأتي بعد الفريضة، وهي ما تسمى بالسنن القَبْلية، والسنن البَعْدية.
وتنقسم السنن الراتبة إلى قسمين:
الأول: سنن مؤكدة، الثاني: سنن غير مؤكدة.
أولًا: السنن المؤكدة: ركعتان قبل الفجر، ركعتان أو أربع قبل الظهر، وركعتان بعده، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العِشاء، فيصبح عدد السنن الراتبة المؤكدة اثنتَيْ عَشْرة ركعة.
روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: حفظتُ من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعاتٍ؛ ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العِشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح، وكانت ساعةً لا يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذَّن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين؛ (البخاري - حديث: 1180 / مسلم - حديث: 729).
روى البخاري عن عائشةَ رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعًا قبل الظُّهر، وركعتين قبل الغداة؛ (البخاري - حديث: 1182).
ثانيًا: السنن غير المؤكدة: أربع ركعات بعد الظهر، ركعتان قبل العصر، ركعتان قبل المغرب، ركعتان قبل العشاء.
روى الشيخانِ عن عبدالله بن مغفلٍ المزني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بين كلِّ أذانين صلاة - ثلاثًا - لمن شاء)).
روى أبو داودَ عن أم حبيبة زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن حافظ على أربع ركعاتٍ قبل الظهر وأربعٍ بعدها، حرُمَ على النار))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 1130).
روى البخاري عن عبدالله المزني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صلوا قبل صلاة المغرب))، قال في الثالثة: ((لمن شاء))؛ كراهيةَ أن يتخذها الناس سنةً؛ (البخاري - حديث: 1183).
السُّنن المؤكدة غير الرواتب:
1) صلاة الوتر.
2) صلاة الاستسقاء.
3) قيام الليل.
4) صلاة الضحى.
5) صلاة الاستخارة.
6) صلاة الكسوف والخسوف.
7) صلاة تحية المسجد.
صلاة الوتر:
الوِتْر: هو العدد الفردي؛ كالواحد، والثلاثة، والخمسة، والسبعة، والتسعة.
فضل صلاة الوتر:
روى الشيخان عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله وِتْر يحب الوتر))؛ (البخاري - حديث: 6410 / مسلم - حديث: 2677).
وقت صلاة الوتر:
صلاة الوتر سنة مؤكدة، ووقتها من بعد صلاة العشاء حتى طلوع الفجر، وأفضل وقتها في ثلث الليل الآخر؛ (البخاري - حديث: 996 / مسلم - حديث: 745).
روى مسلم عن جابرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل))؛ (مسلم - حديث: 755).
عدد ركعات الوتر:
أقل صلاة الوتر ركعة، ويمكن للمسلم أن يوتر بثلاث أو خمس أو سبع أو تسع ركعات، فإذا أوتر بثلاث ركعات، استحب له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة: (سبح اسم ربك الأعلى)، وفي الركعة الثانية بسورة: (قل يا أيها الكافرون)، وفي الركعة الثالثة بسورة: (قل هو الله أحد)؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني - حديث: 383).
صفة صلاة الوتر بثلاث ركعات:
1) يصلي المسلم ركعتين ثم يصلي ركعة ثالثة وحدها ويسلِّم.
2) يصلي المسلم الثلاث ركعات بتشهد واحد.
فائدة: يُكرَه أن تكون صلاة الوتر كصلاة المغرب.
صلاة الوتر بخمس ركعات:
إذا صلى أحدٌ الوترَ بخمس ركعات، استحب له ألا يجلس إلا في الركعة الخامسة، فيتشهد ويسلم؛ (مسلم - حديث: 737).
صفة صلاة الوتر بسبع أو تسع ركعات:
إذا صلى أحدٌ الوِتْر بسبع ركعات له ألا يجلس إلا في الركعة السادسة فيقول التشهد الأول، ثم يقوم فيصلي الركعة السابعة ثم يقول التشهد الأخير ويسلِّم.
التطوع بعد صلاة الوتر: من صلى الوتر ثم أحب بعد ذلك أن يتطوع، فله أن يصلي ما شاء من النوافل، ولكنه لا يعيد صلاة الوتر مرة أخرى.
روى أبو داود عن قيس بن طلقٍ، قال: زارنا طلق بن عليٍّ في يومٍ من رمضان وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا الليلة وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه حتى إذا بقي الوتر قدَّم رجُلًا، فقال: أوتر بأصحابك؛ فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا وِتْرانِ في ليلةٍ))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 1276).
روى الترمذي عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني - حديث: 392).
القنوت في الوتر:
يستحب القنوت (الدعاء) في صلاة الوتر:
روى أبو داود عن الحسن بن عليٍّ رضي الله عنهما، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلماتٍ أقولهن في الوتر: ((اللهم اهدِني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقِني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يَذِلُّ مَن واليت، ولا يَعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 1263).
روى أبو داود عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 1265).
ويجوز أن يكون دعاء القنوت بعد الركوع أو قبل الركوع.
روى الشيخانِ عن محمد بن سيرين، قال: سُئل أنس بن مالكٍ: أقنَتَ النبي صلى الله عليه وسلم في الصبح؟ قال: نعم، فقيل له: أوَقنت قبل الركوع؟ قال: بعد الركوع يسيرًا؛ (البخاري - حديث: 1001 / مسلم - حديث: 677).
روى أبو داود عن أبي بن كعبٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قنت - يعني في الوتر - قبل الركوع؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 1266).
الدعاء بعد صلاة الوتر:
روى النسائي عن أبي بن كعبٍ، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بـ: (سبح اسم ربك الأعلى)، وفي الركعة الثانية بـ: (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثالثة بـ: (قل هو الله أحد)، ولا يسلم إلا في آخرهن ويقول - يعني بعد التسليم -: ((سبحان الملك القدوس ثلاثًا))؛ (حديث صحيح) (صحيح النسائي للألباني جـ 1 - حديث: 547).
صلاة الاستسقاء:
الاستسقاء: طلب نزول المطر عند حصول الجدب وانتشار الجفاف وانقطاع المطر.
روى البخاري عن عباد بن تميمٍ، عن عمه، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو وحوَّل رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة؛ (البخاري - حديث: 1024).
صفة صلاة الاستسقاء:
صلاة الاستسقاء تكون بغير أذان ولا إقامة، ولكن ينادى لها: الصلاة جامعة، الصلاة جامعة.
يصلي الإمام بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، ثم يخطب بعد الصلاة، ثم يُحوِّل المصلون أرديتهم، بأن يجعلوا ما على أيمانهم على شمائلهم، ويجعلوا ما على شمائلهم على أيمانهم، ويستقبلوا القِبلة، ويدعو الله تعالى رافعي أيديهم في ذُلٍّ وانكسار لله تعالى؛ (المغني لابن قدامة جـ 3 صـ 334: صـ 342).
صلاة الليل:
فضل قيام الليل:
روى أحمدُ عن أبي مالكٍ الأشعري، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إن في الجنة غُرفةً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعَدَّها الله لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى والناس نيام))؛ (حديث حسن) (صحيح الجامع للألباني - حديث: 2123).
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه، قال: سُئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: ((أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاةُ في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيامُ شهر الله المحرم))؛ (مسلم - حديث: 1163).
وقت قيام الليل:
تبدأ صلاة الليل بعد العِشاء إلى الفجر، وأفضل وقت لصلاة الليل في ثلث الليل الآخر.
روى الشيخان عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلةٍ حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك، أنا الملك، من ذا الذي يدعوني فأستجيبَ له؟! مَن ذا الذي يسألني فأعطيَه؟! مَن ذا الذي يستغفرني فأغفرَ له))؛ (البخاري - حديث: 1145 / مسلم - حديث: 758).
عدد ركعات قيام الليل:
ليس لصلاة الليل عددٌ معيَّن؛ فهي تتحقق ولو بركعة واحدة عقب العِشاء.
روى البخاري عن ابن عمر: أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله عليه السلام: ((صلاة الليل مَثْنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعةً واحدةً توتر له ما قد صلى))؛ (البخاري - حديث: 990).
قضاء صلاة الليل:
يستحب لمن فاته قيام الليل، وكان معتادًا عليه، أن يقضيَه نهارًا قبل دخول وقت صلاة الظهر.
روى مسلم عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملًا أثبته، وكان إذا نام من الليل أو مرِض، صلى من النهار ثنتَيْ عَشْرة ركعةً؛ (مسلم - حديث: 746).
فمَن اعتاد أن يصلي ثلاث ركعات قضاها نهارًا أربعًا، ومن اعتاد خمس ركعات صلاها نهارًا ستَّ ركعات، وهكذا.
قيام رمضان:
روى الشيخان عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))؛ (البخاري - حديث: 2009 / مسلم - حديث: 759).
صلاة الضُّحى:
وقتها: مِن بعد شروق الشمس بربع ساعة إلى ما قبل أذان الظهر بربع ساعة، ويستحب تأخيرُها إلى أن يشتَدَّ الحرُّ؛ (مسلم - حديث: 748).
فضل صلاة الضحى:
روى مسلم عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ؛ بصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ، وركعتَيِ الضحى، وأن أُوتِرَ قبل أن أرقد؛ (مسلم - حديث: 721).
روى مسلم عن أبي ذرٍّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يُصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحةٍ صدقة، وكل تحميدةٍ صدقة، وكل تهليلةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما مِن الضحى))؛ (مسلم - حديث: 720).
روى أبو داود عن بريدة، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((في الإنسان ثلاثمائةٍ وستون مفصلًا، فعليه أن يتصدق عن كل مفصلٍ منه بصدقةٍ))، قالوا: ومَن يطيق ذلك يا نبي الله؟! قال: ((النخاعة في المسجد تدفنها، والشيء تنحِّيه عن الطريق، فإن لم تجد فركعتا الضُّحى تُجزئك))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 4365).
عدد ركعات صلاة الضحى:
أقلُّ عدد لصلاة الضحى ركعتانِ.
صلاة الاستخارة:
يُستحبُّ لكل مسلم أن يستخير الله تعالى إذا أراد أن يقوم بعمل ما، وذلك بأن يتوضأ ويحسن الوضوء، ثم يصلي ركعتين تطوعًا، وبعد السلام يحمد الله تعالى ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول هذا الدعاء: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاقدُرْه لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله - فاصرِفْه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رَضِّني به))؛ (البخاري - حديث: 6382).
صلاة الكسوف والخسوف:
الكسوف: هو ذَهابُ ضوءِ الشمس والقمر أو بعضِه، وتغيُّره إلى السواد، والخسوف مرادف له في المعنى، ويقال: الكسوف للشمس، والخسوف للقمر.
وقت صلاة الكسوف:
تبدأ صلاة الكسوف من ظهوره إلى زواله.
روى الشيخانِ عن المغيرةِ بن شعبةَ: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلُّوا حتى ينجلي))؛ (البخاري - حديث: 1060 / مسلم - حديث: 904).
صفة صلاة الكسوف:
صلاة الكسوف ركعتانِ، في كل ركعة قراءتانِ وركوعانِ وسجودانِ، يجهر الإمام فيهما بالقراءة، وصفتها كما يلي:
1) يُحرِم المصلي بالركعة الأولى، ويقول دعاء الاستفتاح، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة.
2) يركع المصلي ويطيل الركوع.
3) يرفع من الركوع ويقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقرأ الفاتحة مرة ثانية وسورة طويلة، ولكنها أقصر من القراءة الأولى.
4) يركع ويطيل الركوع، ولكنه أقصر من الركوع الأول، ثم يرفع ويقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.
5) يسجد سجدتين يطيل فيهما السجود.
6) يقوم إلى الركعة الثانية ويفعل مثل ما فعل في الركعة الأولى تمامًا، ثم يجلس للتشهد ويسلِّم.
روى الشيخانِ عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: خسفت الشمس في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المسجد فصفَّ الناس وراءه، فكبَّر فاقترأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءةً طويلةً، ثم كبَّر فركع ركوعًا طويلًا، ثم قال: سمع الله لمن حمده، فقام ولم يسجد وقرأ قراءةً طويلةً هي أدنى من القراءة الأولى، ثم كبر وركع ركوعًا طويلًا، وهو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم سجد، ثم قال في الركعة الآخرة مثل ذلك، فاستكمل أربع ركعاتٍ في أربع سجداتٍ، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: هما آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزَعوا إلى الصلاة))؛ (البخاري - حديث: 1046 / 1065 / مسلم - حديث: 901)، (المغني لابن قدامة جـ 3 صـ 323: صـ 324).
وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.
وصلَّى الله وسلَّم على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
« الشيخ : صلاح نجيب الدق »